تحميل كتاب لغتي الجميلة للصف الثامن الفصل الدراسي الثاني المنهاج العماني للعام الدراسي 2025 - 2026 بصيغة pdf وبرابط تحميل مباشر ومجانا, كتاب لغتي الجميلة الصف الثامن فصل ثاني عمان.
محتوى كتاب لغتي الجميلة ثامن ف2 سلطنة عمان
الدَّرسُ الثَّالِثُ :
فاتتني صلاة
لعدة سنوات كنتُ أتابع ذلك الشيخ الكبير الذي قارب عمره الثَّمَانِينَ، فلا أكاد أنظر إلى الشارع قبل وقت الأذان بدقائق إلا وأراه متوكنا على عصاه في طريقه إلى المسجد، وقد رسمت على وجهه ابتسامة هادئة.
كانت تراودني بعض الأسئلة الممزوجة بالخجل، ولكن سرعان ما كانت تواجهها مجموعة من الأعذار فتتلاشى هذه الأسئلة ويتلاشى معها الخجل، وأحيانا كنتُ أعود فأنظر إلى الشارع مرةً أخرى، فأجد هذا العجوز في طريقه لبيته يلقي السلام على جيرانه، فأنظر إلى ساعتي متعجبًا، وأتذكر أحد الأعذار التي جالت بخاطري قبل الصَّلاةِ: إِنَّكَ مشغول فَلْتُصل عندما تنتهي.
فأتساءل: هل حقا كنتُ أقوم بعمل مهم خلال هذه الدقائق؟! حَتَّى وإن كنتُ، ما يضر هذا العمل إن قطعت منه بضع دقائق؟ فأنتظر تلك العاصفة من الأعذار
والإجابات حتى تواجه هذه الأسئلة، ولكنها لم تأت، كانت تأتي فقط قبل الصلاة وتختفي بعدها، فتتركني في صمت عال، لقد فاتتني صلاة.
وكم أيقظتني طقطقة عصا ذلك الشيخ الأنيق المرح وهو في طريقه ليؤذن صلاة الفجر، وما كنتُ أعلمه أن للمسجد إمامًا يبيت فيه ويؤذن لكل صلاة ! صلاة، إلا أنه يترك أذان الفجر لذلك الرجل.
لعدة سنوات كنت أسمع طقطقة تلك العصا، لا يمنعها برد ولا مطر، تمر السنون وتتبدل الأحوال، وما زالت تلك العصا توقظني أقنعتني نفسي أن ذلك الرجل اعتاد أن يسهر حتى الفجر وينام بعده؛ فهو لديه عمله الخاص ولا يطلب منه أَنْ يَسْتَيقِظَ مبكرًا؛ لذلك كان من السهل عليه أن يحافظ على صلاة الفجر لكل تلك السنوات، أما أنا فالدراسة والجامعة ثُمَّ العمل كانوا أهم حُجَجي، وكلَّما ثارت نفسي كنتُ أطمئنها بأن «يوما ما سأفعل.
حتى جاء يوم سألت فيه ذلك الشيخ عن عمله وطبيعة يومه، فعرفت أنه لا يسهر للفجر كما ظننتُ، بل ينام متأخرا لطبيعة عمله، ومع ذلك يستيقظ كل يوم بعد سويعات نوم قليلة ليؤذن لصلاة الفجر.
لم تجادلني نفسي هذه المرة فلا عذر لها ، ومع فجر اليوم الجديد بعدَ أَنْ هَمَمْتُ للصلاة، همست إلى نفسي: إنَّه فضل الله يؤتيه من يشاء، يوما ما سيهديك الله، فغرقت في سباتي، وقد فاتتني صلاة.
وكذلك كُنتُ أرى عاملاً بسيطا قد جاوز الأربعين من عمره بسنوات قليلة، والابتسامة لا تفارق وجهه، وكلما نظرت إليه شعرت بالرضا، كانت رؤيته رؤيته تبعث الطاقة الإيجابية بداخلي، فما إن يسمع الأذان يغلق دكانه ويسير في خُطى هادئة إلى المسجد.
في المرات القليلة التي زرتُ فيها المسجد لاحظت أنَّ ذلك العامل يتوضَّأُ ويأخذ مكانه بجانب الجدار، ويصلي ركعات قبل الإقامة، ولكنها لم تكن كصلاتي، بل كانت